فصل: تفسير الآيات (79- 80):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (78):

{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب} قال: هم اليهود كانوا يزيدون في كتاب الله ما لم ينزل الله.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {يلوون ألسنتهم بالكتاب} قال: يحرِّفونه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: إن التوراة والإنجيل كنا أنزلهما الله لم يغير منهما حرف، ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل، وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم {ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله} فأما كتب الله فهي محفوظة لا تحوّل.

.تفسير الآيات (79- 80):

{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى الإسلام: أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الرئيس: أوَ ذاك تريد منا يا محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «معاذ الله... ! أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره. ما بذلك بعثني، ولا بذلك أمرني. فأنزل الله في ذلك من قولهما {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب} إلى قوله: {بعد إذ أنتم مسلمون}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: كان ناس من يهود يتعبدون الناس من دون ربهم بتحريفهم كتاب الله عن موضعه. فقال الله: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله} ثم يأمر الناس بغير ما أنزل الله في كتابه.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: «بلغني أن رجلاً قال: يا رسول الله نسلِّم عليك كما يسلم بعضنا على بعض، أفلا نسجد لك؟ قال: لا. ولكن أكرموا نبيكم، واعرفوا الحق لأهله، فانه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله. فأنزل الله: {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب} إلى قوله: {بعد إذ أنتم مسلمون}».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {ربانيين} قال: فقهاء معلمين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: {ربانيين} قال: حلماء علماء حكماء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن طريق الضحاك عن ابن عباس {ربانيين} قال: علماء فقهاء.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس {ربانيين} قال: حكماء فقهاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود {ربانيين} قال: حكماء علماء.
وأخرج ابي جرير عن مجاهد قال: {الربانيون} الفقهاء العلماء. وهم فوق الأحبار.
وأخرج عن سعيد بن جبير {ربانيين} قال: حكماء أتقياء.
وأخرج ابن جرير عن ابي زيد قال: {الربانيون} الذين يربون الناس ولاة هذا الأمر. يلونهم، وقرأ {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار} [ المائدة: 63] قال الربانيون الولاة {والأحبار}العلماء.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب} قال: حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيهاً.
وأخرج ابن المنذر عن ابق عباس أنه كان يقرأ {بما كنتم تعلمون}.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ {بما كنتم تعلمون} مثقلة برفع التاء وكسر اللام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد، أنه قرأ {بما كنتم تعلمون الكتاب} خفيفة بيصب التاء قال ابن عيينة: ما علموه حتى علموه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي بكر قال: كان عاصم يقرؤها {بما كنتم تعلمون الكتاب} مثقلة برفع التاء وكسر اللام. قال: القرآن {وبما كنتم تدرسون} قال: الفقه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لا يعذر أحد حر، ولا عبد، ولا رجل، ولا امرأة؛ لا يتعلم من القرآن جهده ما بلغ منه فإن الله يقول: {كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} يقول: كونوا فقهاء، كونوا علماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله: {وبما كنتم تدرسون} قال: مذاكرة الفقه، كانوا يتذاكرون الفقه كما نتذاكره نحن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج {ولا يأمركم أن تتخذوا} قال: ولا يأمركم النبي.

.تفسير الآيات (81- 82):

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82)}
أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة} قال: هي خطأ من الكتاب. وهي قراءة ابن مسعود {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب}.
وأخرج ابن جرير عي الربيع أنه قرأ {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب} قال: وكذلك كان يقرؤها أبي بن كعب. قال الربيع: ألا ترى أنه يقول {ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه} يقول: لتؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولتنصرنه. قال: هم أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن أصحاب عبد الله يقرؤون {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لما آتيتكم من كتاب وحكمة} ونحن نقرأ {ميثاق النبيين} فقال ابن عباس: إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طاوس في الآية قال: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن طاوس في الآية قال: أخذ الله ميثاق الأول من الأنبياء ليصدقن، وليؤمنن بما جاء به الآخر منهم.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لم يبعث الله نبياً؛ آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد، لئن بعث وهو حي ليؤمنن به، ولينصرنه. ويأمره فيأخذ العهد على قومه. ثم تلا {وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابي جرير عن قتادة في الآية قال: هذا ميثاق أخذه الله على النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً، وأن يبلِّغوا كتاب الله ورسالاته، فبلغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويصدقوه، وينصروه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: لم يبعث الله نبياً قط من لدن نوح إلا أخذ الله ميثاقه؛ ليؤمنن بمحمد، ولينصرنه إن خرج وهو حي، وإلا أخذ على قومه أن يؤمنوا به وينصروه إن خرج وهم أحياء.
وأخرج ابن جريج عن الحسن في الآية قال: أخذ الله ميثاق النبيين ليبلغن آخركم أوّلكم، ولا تختلفوا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: ثم ذكر ما أخذ عليهم يعني على أهل الكتاب وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه يعني بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم إذ جاءهم، وإقرارهم به على أنفسهم.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن ثابت قال: «جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً. فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه لضللتم. إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين».
وأخرج أبو يعلى عن جابر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا. إنكم أما أن تصدقوا بباطل، وإما أن تكذبوا بحق، وأنه والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني».
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ {لما آتيتكم} ثقل لما.
وأخرج عن عاصم أنه قرأ {لما} مخففة {آتيتكم} بالتاء على واحدة يعني أعطيتكم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: {إصري} قال: عهدي.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله: {قال فاشهدوا} يقول: فاشهدوا على أممكم بذلك {وأنا معكم من الشاهدين} عليكم وعليهم {فمن تولى} عنك يا محمد بعد هذا العهد من جميع الأمم {فأولئك هم الفاسقون} هم العاصون في الكفر.

.تفسير الآيات (83- 84):

{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)}
أخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس «عن النبي صلى الله عليه وسلم {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً} أما من في السموات فالملائكة، وأما من في الأرض فمن ولد على الإسلام، وأما كرهاً فمن أتى به من سبايا الأمم في السلاسل والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون».
وأخرج الديلمي عن أنس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً} قال: الملائكة أطاعوه في السماء، والأنصار وعبد القيس أطاعوه في الأرض».
وأخرج ابن جرير من طريق مجاهد عن ابن عباس {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً} قال: حين أخذ الميثاق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في الآية قال: عبادتهم لي أجمعين {طوعاً وكرهاً} وهو قوله: {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً} [ الرعد: 15].
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس {وله أسلم من في السماوات} قال: هذه مفصولة {ومن في الأرض طوعاً وكرهاً}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {وله أسلم} قال: المعرفة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال: هو كقوله: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [ لقمان: 25] فذلك إسلامهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال: كل آدمي أقر على نفسه بأن الله ربي وأنا عبده. فمن أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرهاً، ومن أخلص لله العبودية فهو الذي أسلم طوعاً.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال: أكره أقوام على الإسلام، وجاء أقوام طائعين.
وأخرج عن مطر الوراق في الآية قال: الملائكة طوعاً، والأنصار طوعاً، وبنو سليم وعبد القيس طوعاً، والناس كلهم كرهاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أما المؤمن فأسلم طائعاً فنفعه ذلك وقبل منه، وأما الكافر فأسلم حين رأى بأس الله، فلم ينفعه ذلك، ولم يقبل منهم {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} [ غافر: 85].
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: في السماء الملائكة طوعاً، وفي الأرض الأنصار وعبد القيس طوعاً.
وأخرج عن الشعبي {وله أسلم من في السماوات} قال: استقادتهم له.
وأخرج عن أبي سنان {وله أسلم من في السماوات والأرض} قال: المعرفة. ليس أحد تسأله إلا عرفه.
وأخرج عن عكرمة في قوله: {وكرهاً} قال: من أسلم من مشركي العرب والسبايا: ومن دخل في الإسلام كرهاً.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ساء خلقه من الرقيق والدواب والصبيان فاقرأوا في أذنه {أفغير دين الله يبغون}».
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن يونس بن عبيد قال: ليس رجل يكون على دابة صعبة فيقرأ في أذنها {أفغير دين الله يبغون وله أسلم} الآية. إلا ذلت له بإذن الله عز وجل.